فصل: فصل في ضمان الاسترداد

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روضة الطالبين وعمدة المفتين **


 باب تعجيل الزكاة

التعجيل جائز في الجملة هذا هو الصواب المعروف وحكى الموفق أبو طاهر عن أبي عبيد بن حربويه من أصحابنا منع التعجيل وليس بشىء ولا تفريع عليه ثم مال الزكاة ضربان متعلق بالحول وغير متعلق فالأول يجوز تعجيل زكاته قبل الحول ولا يجوز قبل تمام النصاب في الزكاة العينية‏.‏

أما إذا اشترى عرضا للتجارة يساوي مائة درهم فعجل زكاة مائتين وحال الحول وهو يساوي مائتين فيجزئه المعجل عن الزكاة على المذهب لأن الاعتبار في العروض بآخر الحول ولو ملك أربعين شاة معلوفة فعجل شاة ظازما أن يسميها حولا لم يقع عن الزكاة إذا أسامها لأن المعلوفة ليست مال زكاة فهي كما دون النصاب وإنما يعجل بعد انعقاد حول فلو عجل زكاة عامين فصاعدا لم يجزئه عما عدا السنة الأولى على الأصح عند الأكثرين منهم معظم العراقيين وصاحب التهذيب وحملوا الحديث الوارد في تسلف صدقة عامين من العباس على السلف دفعتين‏.‏

فإن جوزنا ما زاد فذلك إذا بقي معه في التعجيل نصاب كامل بأن ملك ثنتين وأربعين فعجل شاتين فإن لم يبق نصاب كامل بأنملك إحدى وأربعين فعجل شاتين منها فوجهان أصحهما لا يجوز فإن جوزنا صدقة عامين فهل يجوز أن ينوي تقديم زكاة للسنة الثانية على الأولى وجهان كتقديم صلاة الثانية عل الأولى في الجمع في وقت الثانية‏.‏

حكاه أبو الفضل بن عبدان ولو ملك نصابا فعجل زكاة نصابين فإن كان للتجارة بأن اشترى للتجارة عرضا بمائتين فعجل زكاة أربعمائة فجاء الحول وهو يساوي أربعمائة أجزأه على المذهب‏.‏

وقيل في المائتين الزائدتين وجهان فإن كان زكاة عين بأن ملك مائتي درهم وتوقع حصول مائتين من جهة أخرى فعجل زكاة أربعمائة فحصل ما توقعه لم يجزئه ما أخرجه عن الحادث وإن توقع حصوله من عين ما عنده بأن ملك مائة وعشرين شاة فعجل شاتين ثم حدثت سخلة أو ملك خمسا من الإبل فعجل شاتين فبلغت بالتوالد عشرا فهل يجزئه ما أخرجه عن النصاب الذي كمل الآن وجهان‏.‏

أصحهما عند الأكثرين من العراقيين وغيرهم لا يجزئه ولو عجل شاة عن أربعين فولدت أربعين فهلكت الأمات فهل يجزئه ما أخرج من السخال وجهان‏.‏

قلت‏:‏ أصحهما لا يجزئه والله أعلم‏.‏

الضرب الثاني ما لا يتعلق وجوب الزكاة فيه بالحول فمنه زكاة الفطر فيجوز تعجيلها بعد دخول رمضان هذا هو الصحيح وفي وجه يجوز في أول يوم من رمضان لا من أول ليلة وفي وجه يجوز قبل رمضان وأما زكاة الثمار فتجب ببدو الصلاح وزكاة الزرع باشتداد الحب‏.‏

وليس المراد وجوب الأداء بل المراد أن حق الفقراء يثبت حينئذ والإخراج يجب بعد الجفاف وتنقية الحبوب وإذا ثبت هذا فالاخراج بعد مصير الرطب تمرا والعنب زبيبا ليس بتعجيل بل هو واجب حينئذ ولا يجوز التقديم قبل خروج الثمرة وفيما بعده أوجه الصحيح أنه يجوز التعجيل بعد بدو الصلاح لا قبله والثاني يجوز قبله من حين خروج الثمرة والثالث لا يجوز قبل الجفاف‏.‏

وأما الزروع فالاخراج بعد التنقية واجب وليس بتعجيل ولا يجوز التعجيل قبل التسنبل وانعقاد الحب وبعده ثلاثة أوجه الصحيح جوازه بعد الاشتداد والادراك ومنعه قبله والثاني جوازه بعد التسنبل وانعقاد الحب والثالث لا يجوز قبل التنقية‏.‏

فرع عد الأئمة ما يقدم على وقت وجوبه من الحقوق المالية وما يقدم في هذا الباب فمنها كفارة اليمين والقتل والظهار وجزاء الصيد وهي مذكورة في أبوابها ومنها لا يجوز للشيخ الهرم والحامل والمريض تقديم الفدية على رمضان‏.‏

ولا يجوز تقديم الأضحية على يوم النحر قطعا ولا كفارة الوقاع في شهر رمضان على الأصح ولو قال إن شفى الله مريضي فلله علي عتق رقبة فأعتق قبل الشفاء لا يجزئه على الأصح ولا يجوز تقديم زكاة المعدن والركاز على الحصول‏.‏

 فصل شرط كون المعجل مجزئا

بقاء القابض بصفة الاستحقاق في آخر الحول فلو ارتد أو مات قبل الحول لم تحسب عن الزكاة وإن استغنى بالمدفوع إليه أو به وبمال آخر لم يضر وإن استغنى بغيره لم يحسب عن الزكاة وإن عرض مانع ثم زال وصار برفة الاستحقاق عند تمام الحول لم يضر على الأصح‏.‏

ويشترط في الدافع بقاؤه إلى آخر الحول بصفة من تجب عليه الزكاة فلو ارتد وقلنا الردة تمنع وجوب الزكاة أو مات أو تلف جميع ماله أو باعه أو نقص عن النصاب لم يكن المعجل زكاة وإن أبقينا ملك المرتد وجوزنا إخراج الزكاة في حال الردة أجزأه المعجل وهل يحسب في صورة الموت عن زكاة الوارث قال الأصحاب إن قلنا بالقديم إن الوارث يبنى على حول الموروث أجزأه وإلا لم يجزئه على الأصح لأنه تعجيل قبل ملك النصاب فإن قلنا يحسب فتعددت الورثة ثبت حكم الخلطة بينهم إن كان المال ماشية أو غير ماشية وقلنا بثبوت الخلطة فيه‏.‏

فأما إن قلنا لا يثبت ونقص نصيب كل واحد عن النصاب أو اقتسموا ونقص نصيب كل واحد عن النصاب فينقطع الحول ولا تجب الزكاة على الأصح‏.‏

وعن صاحب التقريب وجه آخر أنهم يصيرون كشخص واحد وعلى الثاني يصيرون كشخص واحد‏.‏

إذا أخذ الإمام من المالك قبل أن يتم حوله مالا للمساكين حالان أحدهما يأخذه بحكم الفرض فينظر إن استقرضه بسؤال المساكين فهو من ضمانهم سواء تلف في يده أو بعد أن سلمه إليهم وهل يكون الإمام طريقا في الضمان حتى يؤخذ منه ويرجع هو على المساكين أم لا نظر إن علم المقرض أنه يستقرض للمساكين بإذنهم لم يكن طريقا على الأصح وإن ظن أنه يستقرض لنفسه أو للمساكين من غير سؤالهم فله الرجوع على الإمام ثم الإمام يقضيه من مال الصدقة أو يحسبه عن زكاة المقترض وإذا أقرضه المالك للمساكين ابتداء من غير سؤالهم فتلف في يد الإمام فلا ضمان على المساكين ولا على الإمام لأنه وكيل المالك ولو استقرض الإمام بسؤال المالك والمساكين جميعا فهل هو من ضمان المالك أو المساكين وجهان يأتي بيانهما في الحال الثاني إن شاء الله تعالى‏.‏

ولو استقرض بغير سؤال المالك والمساكين نظر إن استقرض ولا حاجة بهم إلى القرض وقع القرض للإمام وعليه ضمانه من خالص ماله سواء تلف في يده أو دفعه إلى المساكين ثم إن دفع إليهم متبرعا فلا رجوع وإن أقرضهم فقد أقرضهم مال نفسه وإن كان استقرض لهم وبهم حاجة وهلك في يده فوجهان‏.‏

أحدهما أنه من ضمان المساكين يقضيه الإمام من مال الصدقة كالولي إذا استقرض لليتيم فهلك في يده يكون الضمان في مال اليتيم وأصحهما يكون الضمان من خالص مال الإمام لأن المساكين غير متعينين وفيهم أو أكثرهم أهل رشد لا ولاية عليهم ولهذا لا يجوز منع الصدقة عنهم بلا عذر ولا التصرف في مالهم بالتجارة وإنما يجوز الاستقراض لهم بشرط سلامة العاقبة بخلاف اليتيم‏.‏

فأما إن دفع المستقرض إليهم فالضمان عليهم والإمام طريق فإذا أخذ زكوات والمدفوع إليه بصفة الاستحقاق فله أن يقضيه من الزكوات وله أن يحسبه عن زكاة المقرض وإن لم يكن المدفوع إليه بصفة الاستحقاق عند تمام حلول الزكوات لم يجز قضاؤه منها بل يقضي من مال نفسه ثم يرجع على المدفوع إليه إن وجد له مالا‏.‏

الحال الثاني أن يأخذ الإمام المال ليحسبه عن زكاة المأخوذ منه عند تمام حوله وفيه أربع مسائل كالقرض‏.‏

إحداها أن يأخذ بسؤال المساكين فإن دفع إليهم قبل الحول وتم الحول وهم بصفة الاستحقاق والمالك بصفة الوجوب وقع الموقع وإن خرجوا عن الاستحقاق فعليهم الضمان وعلى المالك الاخراج ثانيا وإن تلف في يده قبل تمام الحول بغير تفريط له نظر إن خرج المالك عن أن تجب عليه الزكاة فله الضمان على المساكين وهل يكون الإمام طريقا وجهان كما في الاستقراض وإلا فهل يقع أصحهما يقع وبه قطع في الشامل و التتمة والثاني لا فعلى هذا له تضمين المساكين وفي تضمين الإمام الوجهان فإن لم يكن للمساكين مال صرف الإمام إذا اجتمعت الزكوات عنده ذلك القدر إلى قوم آخرين عن جهة الذي تسلف منه‏.‏

المسألة الثانية أن يتسلف بسؤال المالك فإن دفع إلى المساكين وتم الحول وهم بصفة الاستحقاق وقع الموقع وإلا رجع المالك على المساكين دون الإمام وإن تلف في يد الإمام لم يجزىء المالك سواء تلف بتفريط الإمام أو بغير تفريطه كالتلف في يد الوكيل ثم إن تلف بتفريط الإمام فعليه ضمانه للمالك وإلا فلا ضمان عليه ولا على المساكين‏.‏

الثالثة أن يتسلف بسؤال المالك والمساكين جميعا فالأصح عند صاحب الشامل والأكثرين أنه من ضمان المساكين والثاني من ضمان المالك‏.‏

الرابعة أن يتسلف بغير سؤال المالك والمساكين لما رأى من حاجتهم فهل تكون حاجتهم كسؤالهم وجهان أصحهما لا فعلى هذا إن دفعه إليهم وخرجوا عن الاستحقاق قبل تمام الحول استرده الإمام منهم ودفعه إلى غيرهم وإن خرج الدافع عن أهلية الوجوب استرده ورد إليه فإن لم يكن للمدفوع إليه مال ضمنه الإمام من مال نفسه فرط أم لم يفرط وعلى المالك إخراج الزكاة ثانيا وفي وجه ضعيف لا ضمان على الإمام ثم الوجهان في تنزل الحاجة منزلة سؤالهم هما في حق البالغين أما إذا كانوا أطفالا فيبنى على أن الصبي تدفع إليه الزكاة من سهم الفقراء أو المساكين أم لا فإن كان له من يلزمه نفقته كأبيه وغيره فالأصح أنه لا يدفع إليه وإن لم يكن فالصحيح أنه يدفع له إلى قيمه والثاني لا لاستغنائه بسهم من الغنيمة فإن جوزنا التصرف إليه فحاجة الأطفال كسؤال البالغين فتسلف الإمام الزكاة واستقراضه لهم كاستقراض قيم اليتيم‏.‏

هذا إذا كان الذي يلي أمرهم الإمام فإن كان وليا مقدما على الإمام فحاجتهم كحاجة البالغين لأن لهم من يسأل التسلف لو كان صلاحهم فيه‏.‏

أما إذا قلنا لا يجوز الصرف إلى الصبي فلا تجيء هذه المسألة في سهم الفقراء والمساكين ويجوز أن تجيء في سهم الغارمين ونحوه ثم في المسائل كلها لو تلف المعجل في يد الساعي أو الإمام بعد تمام الحول سقطت الزكاة عن المالك لأن الحصول في يدهما بعد الحول كالوصول إلى يد المساكين كما لو أخذ بعد الحول ثم إن فرط في الدفع إليهم ضمن من مال نفسه لهم وإلا فلا ضمان على أحد وليس من التفريط أن ينتظر إنضمام غيره إليه لقلته فإنه لا يجب تفريق كل قليل يحصل عنده والمراد بالمساكين في هذه المسائل أهل السهمين جميعا وليس المراد جميع آحاد الصنف بل سؤال طائفة منهم وحاجتهم‏.‏

إذا دفع الزكاة المعجلة إلى الفقير وقال إنها معجلة فإن عرض مانع استرددت منك فله الاسترداد إن عرض مانع وإن اقتصر على قوله هذه زكاة معجلة أو علم القابض ذلك ولم يذكر الرجوع فله الاسترداد على الأصح الذي قطع به الجمهور وهذا إذا كان الدافع المالك‏.‏

أما إذا دفعها الإمام فلا حاجة إلى شرط الرجوع بل يثبت الاسترداد قطعا ولو دفع المالك أو الإمام ولم يتعرض للتعجيل ولا علم به القابض فالمذهب أنه لا يثبت الرجوع مطلقا وقيل إن دفع الإمام ثبت الرجوع وإن دفع المالك فلا وبه قطع جمهور العراقيين وقيل فيهما قولان فإن أثبتنا الرجوع فقال المالك قصدت بالمدفوع التعجيل وأنكر القابض فالقول قول المالك مع يمينه ولو ادعى المالك علم القابض بالتعجيل فالقول قول القابض وإذا قلنا لا رجوع إذا لم يذكر التعجيل ولم يعلم القابض به فتنازعا في ذكره أو قلنا يشترط في الرجوع التصريح به فتنازعا فيه فالقول قول المسكين على الأصح مع يمينه وقول المالك على الثاني ويجري الوجهان في تنازع الإمام والمسكين إذا قلنا الإمام محتاج إلى الاشتراط‏.‏

هذا كله إذا عرض مانع من استحقاقه الزكاة‏.‏

أما إذا لم يعرض فليس له الاسترداد بلا سبب لأنه تبرع بالتعجيل فهو كمن عجل دينا مؤجلا لا يسترده‏.‏

قال إمام الحرمين وغيره لا يحتاج مخرج الزكاة إلى لفظ أصلا بل يكفيه دفعها وهو ساكت لأنها في حكم دفع حق إلى مستحق قال وفي صدقة التطوع تردد والظاهر الذي عمل به الناس كافة أنه لا يحتاج إلى اللفظ أيضا‏.‏

فرع إذا قال هذه زكاتي أو صدقتي المفروضة فطريقان أحدهما أنه كما لو ذكر التعجيل ولم يذكر الرجوع وأصحهما كما لو لم يذكر شيئا أصلا وقطع العراقيون بأن المالك لا يسترد بخلاف الإمام‏.‏

قالوا ولو كان الطارىء موت المسكين هل للمالك أن يستخلف ورثته على نفي العلم بأنها معجلة وجهان‏.‏

فرع من موانع المعجل أن تكون زكاة تلف النصاب فحيث يثبت الاسترداد بهذا السبب هل يثبت إذا أتلفه المالك أو أتلف منه ما نقص به النصاب لغير حاجة وجهان أصحهما يثبت ولو أتلفه بالإنفاق وغيره من وجوه الحاجات ثبت الرجوع قطعا‏.‏

 فصل في ضمان الاسترداد

متى ثبت الاسترداد فإن كان المعجل تالفا فعليه ضمانه بمثله إن الثاني يوم التلف والثالث أقصى القيم خرجه إمام الحرمين فإن مات القابض فالضمان في تركته وإن كان باقيا على حاله استرده ودفعه أو مثله إلى المستحق إن بقي بصفة الوجوب وإن كان الدافع هو الإمام آخذه وهل يصرفه إلى المستحقين بغير إذن جديد من المالك وجهان أصحهما وبه قطع في التهذيب يجوز وإن أخذ القيمة فهل يجوز صرفها إلى المستحقين وجهان لأن دفع القيمة لا يجزىء فإن جوزناه وهو الأصح ففي افتقاره إلى إذن جديد الوجهان وإن حدثت فيه زيادة متصلة كالسمن والكبر أخذه مع الزيادة وإن كانت منفصلة كالولد واللبن فالمذهب والذي قطع به الجمهور ونص عليه الشافعي أنه يأخذ الأصل بلا زيادة وقيل وجهان‏.‏

أصحهما هذا والثاني يأخذه مع الزيادة وإن كان ناقصا فهل له أرشه معه وجهان الصحيح وظاهر النص لا أرش له والمذهب أن القابض يملك المعجل وفي وجه شاذ أنه موقوف فإن عرض مانع تبين عدم الملك وإلا تبين فلو باعه القابض ثم طرأ المانع فإن قلنا بالمذهب استمرت صحة البيع وإلا تبينا بطلانه‏.‏

ولو كانت العين باقية فأراد القابض رد بدلها فإن قلنا بالوقف لزم ردها بعينها وإن قلنا فرع المعجل مضموم إلى ما عند المالك نازل منزلة ما لو كان فلو عجل شاة من أربعين ثم حال الحول ولم يطرأ مانع أجزاه ما عجل وكانت تلك الشاة بمنزلة الباقيات عنده ولو عجل شاة عن مائة وعشرين ثم ولدت واحدة أو عن مائة فولدت عشرين وبلغت غنمه بالمعجلة مائة وإحدى وعشرين لزمه شاة أخرى وإن كان القابض أتلف تلك المعجلة ولو عجل شاتين عن مائتين ثم حدثت سخلة قبل الحول فقد بلغت غنمة مائتين وواحدة بالمعجلة فعليه عند تمام الحول شاة ثالثة فلو كانت المعجلة في هاتين الصورتين معلوفة أو كان المالك اشتراها فأخرجها لم يجب شيء زائد لأن المعلوفة والمشتراة لا يتم بها النصاب وإن جاز اخراجهما عن الزكاة ثم إن تم الحول والمعجل على السلامة أجزأه ما أخرج ثم في تقديره إذا كان الباقي دون النصاب بأن أخرج شاة من أربعين وجهان‏.‏

الصحيح الذي قطع به الأصحاب أن المعجل منزل منزلة الباقي في ملك الدافع حتى يكمل به النصاب ويجزىء وليس بباق في ملكه حقيقة‏.‏

وقال صاحب التقريب يقدر كأن صاحب الملك لم يزل لينقضي الحول وفي ملكه نصاب واستبعد إمام الحرمين هذا وقال تصرف القابض نافذ بالبيع والهبة وغيرهما فكيف نقول ببقاء ملك الدافع وهذا الاستبعاد صحيح إن أراد صاحب التقريب بقاء ملكه حقيقة وإن أراد ما قاله الأصحاب فقوله صواب‏.‏

أما إذا طرأ مانع من كون المعجل زكاة فينظر إن كان المخرج أهلا للوجوب وبقي في يده نصاب لزمه الاخراج ثانيا‏.‏

وإن كان دون النصاب فحيث لا يثبت الاسترداد لا زكاة وكأنه تطوع بشاة قبل الحول وحيث ثبت فاسترد قال العراقيون فيه ثلاثة أوجه أحدها يستأنف الحول ولا زكاة للماضي لنقص ملكه عن النصاب‏.‏

والثاني إن كان ماله نقدا زكاه لما مضى وإن كان ماشية فلا لأن السوم شرط في زكاة الماشية وذلك ممتنع في الحيوان في الذمة وأصحها عندهم تجب الزكاة لما مضى مطلقا لأن المخرج كالباقي في ملكه‏.‏

وبهذا قطع في التهذيب بل لفظه يقتضي وجوب الاخراج ثانيا قبل الاسترداد إذا كان المخرج بعينه باقيا في يد القابض‏.‏

وقال صاحب التقريب إذا استرد وقلنا كأن ملكه زال لم يزك لما مضى وإن قلنا يتبين أن ملكه لم يزل زكى لما مضى قال إمام الحرمين وعلى هذا التقدير الثاني الشاة المقبوضة حصلت الحيلولة بين المالك وبينها فيجيء فيها الخلاف في المغصوب والمجحود وكلام العراقيين يشعر بجريان الأوجه بعد تسليم زوال الملك عن المعجل‏.‏

وكيف كان فالأصح عند المعظم وجوب تجديد الزكاة للماضي أما إذا كان المخرج تالفا في يد القابض فقد صار الضمان دينا عليه فإن أوجبنا تجديد الزكاة إذا كان باقيا جاء هنا قولا وجوب الزكاة في الدين‏.‏

هذا إذا كان المزكى نقدا فإن كان ماشية لم تجب الزكاة بحال لأن الواجب على القابض القيمة فلا يكمل هنا نصاب الماشية وقال أبو إسحق تقام القيمة مقام العين هنا نظرا للمساكين والصحيح الأول‏.‏

فرع لو عجل بنت مخاض عن خمس وعشرين من الإبل فبلغت بالتوالد وثلاثين قبل الحول لم يجزئه بنت المخاض معجلة وإن صارت بنت لبون في يد القابض بل يستردها ويخرجها ثانيا أو بنت لبون أخرى‏.‏

قال صاحب التهذيب لنفسه فإن كان المخرج تالفا والنتاج لم يزد على أحد عشر فلم تكن إبله ستا وثلاثين إلا بالمخرج وجب أن لا يجب بنت لبون لأنا إنما نجعل المخرج كالقائم إذا وقع محسوبا عن الزكاة‏.‏

أما إذا لم يقع فلا بل هو كهلاك بعض المال قبل الحول وفيما قدمناه في الوجه الثالث عن العراقيين ما ينازع في هذا‏.‏

 باب حكم تأخير الزكاة

إذا تم حول المال الذي يشترط في زكاته الحول وتمكن من الأداء وجب على الفور كما قدمناه فإن أخر عصى ودخل في ضمانه فلو تلف المال بعد ذلك لزمه الضمان سواء تلف بعد مطالبة الساعي أو الفقراء أو قبل ذلك ولو تلف بعد الحول وقبل التمكن فلا شيء عليه وإن أتلفه المالك لزمه الضمان‏.‏

وإن أتلفه أجنبي بني على ما سنذكره إن شاء الله تعالى أن التمكن شرط في الوجوب أو في الضمان إن قلنا بالأول فلا زكاة وإن قلنا بالثاني وقلنا الزكاة تتعلق بالذمة فلا زكاة وإن قلنا تتعلق بالعين انتقل حق المستحقين إلى القيمة كما إذا قتل العبد الجاني أو المرهون ينتقل الحق إلى القيمة‏.‏

إمكان الأداء شرط في الضمان قطعا وهل هو شرط في الوجوب قولان أظهرهما ليس بشرط والثاني شرط كالصلاة والصوم والحج واحتجوا للأظهر بأنه لو تأخر الإمكان فابتدأ الحول الثاني يحسب من تمام الأول لا من حصول الإمكان‏.‏

فرع الأوقاص التي بين النصب فيها قولان أظهرهما أنها عفو والفرض يتعلق بالنصاب خاصة والثاني ينبسط الفرض عليها وعلى النصاب فإذا ملك تسعا من الإبل فعلى الأول عليه شاة في خمس منها لا بعينها وعلى الثاني الشاة واجبة في الجميع‏.‏

قال إمام الحرمين الوجه عندي أن تكون الشاة متعلقة بالجميع قطعا وأن القولين في أن الوقص إنما يجعل وقاية للنصاب كما يجعل الربح في القراض وقاية لرأس المال وهذا الذي قاله حسن لكن المذهب المشهور ما قدمناه‏.‏

فرع لو تم الحول على خمس من الإبل فتلف واحد قبل التمكن للتالف وأما الأربعة فإن قلنا التمكن شرط في الوجوب فلا شيء فيها وإن قلنا للضمان فقط وجب أربعة أخماس شاة ولو تلف أربع فعلى الأول لا شيء وعلى الثاني يجب خمس شاة ولو ملك ثلاثين من البقر فتلف خمس قبل الإمكان وبعد الحول فإن قلنا بالأول فلا شيء وإن قلنا بالثاني وجب خمسة أسداس تبيع ولو تم الحول على تسع من الإبل فتلف أربع قبل التمكن فإن قلنا الإمكان شرط للوجوب فعليه شاة وإن قلنا للضمان والوقص عفو فشاة أيضا وإن قلنا ينبسط فالصحيح الذي قطع به الجمهور يجب خمسة أتساع شاة وقال أبو إسحق يجب شاة كاملة‏.‏

ولو كانت المسألة بحالها وتلفت خمس فإن قلنا الإمكان شرط للوجوب فلا شيء وإن قلنا للضمان وقلنا الوقص عفو فأربعة أخماس شاة وإن قلنا بالبسط فأربعة أتساع شاة ولا يجيء وجه أبي إسحق‏.‏

ولو ملك ثمانين من الغنم فتلف بعد الحول وقبل التمكن أربعون فإن قلنا التمكن شرط للوجوب أو للضمان والوقص عفو فعليه شاة وإن قلنا بالضمان والبسط فنصف شاة وعلى وجه أبي إسحق شدة‏.‏

فرع إمكان الأداء ليس المراد به مجرد تمكنه من إخراج الزكاة بل يعتبر معه وجوب الاخراج وذلك بأن تجتمع شرائطه فمنها أن يكون المال حاضرا عنده فإن كان غائبا لم يجب الاخراج من موضع آخر وإن جوزنا نقل الزكاة ومنها أن يجد المصروف إليه وقد تقدم أن الأموال ظاهرة وباطنة فالباطنة يجوز صرف زكاتها إلى السلطان ونائبه ويجوز أن يفرقها بنفسه فيكون واجدا للمصروف إليه سواء وجد أهل السهمان أو الإمام أو نائبه يفرقها وأما الأموال الظاهرة فكذلك إن جوزنا تفرقتها بنفسه وإلا فلا إمكان حتى يجد الإمام أو نائبه وإذا وجد من يجوز الصرف إليه فأخر لطلب الأفضل بأن وجد الإمام أو نائبه فأخر ليفرق بنفسه حيث قلنا إنه أفضل أو وجد أهل السهمان فأخر ليدفع إلى الإمام أونائبه حيث قلنا إنه أفضل أو أخر لانتظار قريب أو جار أو من هو أحوج ففي التأخير وجهان أصحهما جوازه فعلى هذا لو أخر فتلف كان ضامنا في الأصح‏.‏

قال إمام الحرمين الوجهان لهما شرطان أحدهما أن يظهر استحقاق الحاضرين فإن تردد في استحقاقهم فأخر ليتروى جاز بلا خلاف والثاني أن لا يشتد ضرر الحاضرين وفاقتهم فإن تضرروا بالجوع لم يجز التأخير للقريب وشبهه بلا خلاف وفي هذا الشرط الثاني نظر فإن إشباعهم لا يتعين على هذا الشخص ولا من هذا المال ولا من مال الزكاة‏.‏

قلت‏:‏ هذا النظر ضعيف أو باطل والله أعلم‏.‏

قال صاحب التهذيب وغيره ويشترط في إمكان الأداء أن لا يكون مشتغلا بشىء يهمه من أمر

 فصل في كيفية تعلق الزكاة بالمال

قال الجمهور فيه قولان القديم يتعل بالذمة والجديد الأظهر بالعين ويصير المساكين شركاء لرب المال في قدر الزكاة هكذا صححه الجمهور وزاد آخرون قولا ثالثا أنها تتعلق بالعين تعلق الدين بالمرهون وقولا رابعا تتعلق بالعين تعلق الأرش برقبة الجاني وممن زاد القولين إمام الحرمين والغزالي وأما العراقيون والصيدلاني والروياني والجمهور فجعلوا قول الذمة وتعلق الدين بالمرهون شيئا واحدا فقالوا تتعلق بالذمة والمال مرتهن بها وجمع صاحب التتمة بين الطريقين فحكى وجهين في أنا إذا قلنا تتعلق بالذمة فهل المال خلو أم هو رهن بها وإذا قلنا كتعلق الرهن إما قولا برأسه وإما جزءا من قول الذمة فهل يجعل جميع المال مرهونا بها أم يخص قدر الزكاة بالرهن وجهان وكذا إذا قلنا كتعلق الأرش فهل يتعلق بالجميع أم بقدرها فيه الوجهان‏.‏

قال إمام الحرمين والتخصيص بقدر الزكاة هو الحق الذي قاله الجمهور وما عداه هفوة هذا كله إذا كان الواجب من جنس المال‏.‏

أما إذا كان من غيره كالشاة الواجبة في الإبل فطريقان أحدهما القطع بتعلقها بالذمة وأصحهما أنه على الخلاف السابق فعلى الاستئناف لا يختلف وعلى الشركة يشاركون بقيمة الشاة‏.‏

إذا باع مال الزكاة بعد الحول قبل إخراجها فإن باع جميعه يصح البيع في قدر الزكاة يبنى على الأقوال فإن قلنا الزكاة في الذمة والمال خلو منها صح وإن قلنا مرهون فقولان أظهرهما عند العراقيين وغيرهم يصح أيضا لأن هذه العلقة تثبت بغير اختيار المالك وليست لمعين فسومح فيهد بما لا يسامح به في الرهن وإن قلنا بالشركة فطريقان أحدهما القطع بالبطلان وأصحهما وبه قطع أكثر العراقيين في صحته قولان‏.‏

أظهرهما وبه قطع صاحب التهذيب وعامة المتأخرين البطلان وإن قلنا تعلق الأرش ففي صحته القولان في بيع الجاني فإن صححناه صار البيع ملتزما للفداء ومتى حكمنا بالصحة في قدر الزكاة فما سواه أولى ومتى حكمنا فيه بالبطلان فهل يبطل فيما سواه وأما على قول الشركة ففيما سواه قولا تفريق الصفقة وإن قلنا بالاستيثاق في الجميع بطل البيع في الجميع وإن قلنا بالاستيثاق في قدر الزكاة ففي الزائد قولا تفريق الصفقة وحيث منعنا البيع وكان المال ثمرة فذلك قبل الخرص فأما بعده فلا منع إن قلنا الخرص تضمين والحاصل من جميع هذا الخلاف ثلاثة أقوال أحدها البطلان في الجميع والثاني الصحة في الجميع وأظهرها البطلان في قدر الزكاة والصحة في الباقي‏.‏

فإن صححنا البيع في الجميع نظر إن أدى البائع الزكاة من موضع آخر فذلك وإلا فللساعي أن يأخذ من عين المال من يد المشتري قدر الزكاة على جميع الأقوال بلا خلاف فإن أخذ انفسخ البيع في قدر الزكاة وهل ينفسخ في الباقي فيه الخلاف في تفريق الصفقة في الدوام‏.‏

فإن قلنا ينفسخ استرد الثمن وإلا فله الخيار إن كان جاهلا فإن فسخ فذاك وإن أجاز في الباقي فيأخذه بقسطه من الثمن أم بالجميع فيه قولان‏.‏

أظهرهما بقسطه ولو لم يأخذ الساعي الواجب منه ولم يؤد البائع الزكاة من موضع آخر فالأصح أن للمشتري الخيار إذا علم الحال والثاني لا خيار له فإن قلنا بالأصح فأدى البائع الواجب من موضع آخر فهل يسقط الخيار وجهان‏.‏

الصحيح أنه يسقط كما لو اشترى معيبا فزال عيبه قبل الرد فإنه يسقط والثاني لا يسقط لاحتمال أن يخرج ما دفعه إلى دلساعي مستحقا فيرجع الساعي إلى عين المال ويجري الوجهان فيما إذا باع السيد الجاني ثم فداه هل يبقى للمشتري الخيار أما إذا أبطلنا البيع في قدر الزكاة وصححناه في الباقي فللمشتري الخيار في فسخ البيع في الباقي وإجازته ولا يسقط خياره بأداء البائع الزكاة من موضع آخر وإذ أجاز فيجيز بقسطه أم بجميع الثمن فيه القولان المقدمان وقطع بعض الأصحاب بأنه يجيز بالجميع في المواشي والصحيح الأول‏.‏

هذا كله إذا باع جميع المال فإن باع بعضه فإن لم يبق قدر الزكاة فهو كما لو باع الجميع وإن بقي قدر الزكاة إما بنية صرفه إلى الزكاة وإما بغيرها فإن فرعنا على قول الشركة ففي صحة البيع وجهان‏.‏

قال ابن الصباغ أقيسهما البطلان وهما مبنيان على كيفية ثبوت الشركة وفيها وجهان أحدهما أن الزكاة شائعة في الجميع متعلقة بكل واحدة من الشياه بالقسط والثاني أن محل الاستحقاق قدر الواجب ويتعين بالاخراج‏.‏

أما إذا فرعنا على قول الرهن فيبنى على أن الجميع مرهون أم قدر الزكاة فقط فعلى الأول لا يصح وعلى الثاني يصح وإن فرعنا على تعلق الأرش فإن صححنا بيع الجاني صح هذا البيع وإلا فالتفريع كالتفريع على قول الرهن وجميع ما ذكرناه هو في بيع المال الذي تجب الزكاة في عينه‏.‏

فأما بيع مال التجارة بعد وجوب الزكاة فسيأتي في بابها إن شاء الله تعالى‏.‏

فرع إذا ملك أربعين شاة فحال عليها الحول ولم يخرج زكاتها حتى آخر فإن حدث منها في كل حول سخلة فصدعدا فعليه لكل حول شاة بلا خلاف وإلا فعليه شاة عن الحول الأول وأما الثاني فإن قلنا تجب الزكاة في الذمة وكان يملك سوى الغنم ما يفي بشاة وجب شاة للحول الثاني وإن لم يملك شيئا غير النصاب يبنى على أن الدين يمنع وجوب الزكاة أم لا إن قلنا يمنع لم يجب للحول الثاني شيء وإلا وجبت شاة وإن قلنا يتعلق بالعين تعلق الشركة لم يجب للحول الثاني شيء لأن المساكين ملكوا شاة نقص بها النصاب ولا تجب زكاة الخلطة لأن المساكين لا زكاة عليهم فمخالطتهم كمخالطة المكاتب والذمي وإن قلنا يتعلق بالعين تعلق الرهن أو الأرش قال إمام الحرمين فهو كالتفريع على قول الذمة وقال الصيدلاني هو كقول الشركة وقياس المذهب ما قاله الإمام لكن يجوز أن يفرض خلاف في وجوب الزكاة من جهة تسلط الغير عليه وإن قلنا الدين لا يمنع الزكاة وعلى هذا التقدير يجري الخلاف على قول الذمة أيضا‏.‏

ولو ملك خمسا وعشرين من الإبل حولين ولا نتاج فإن علقنا الزكاة بالذمة وقلنا الدين لا يمنعها أو كان له مال آخر يفي بها فعليه بنتا مخاض وإن قلنا بالشركة فعليه للحول الأول بنت مخاض وللثاني أربع شياه وتفريع الجرش والرهن على قياس ما سبق ولو ملك خمسا من الإبل حولين بلا نتاج فالحكم كما في الصورتين السابقتين‏.‏

لكن قد ذكرنا أن من الأصحاب من لم يثبت قول الشركة إذا كان الواجب من غير جنس الأصل فعلى هذا يكون الحكم في هذه الصورة مطلقا كالحكم في الأوليين تفريعا على قول الذمة والمذهب وهو اختيار المزني أنه لا فرق بين أن يكون الواجب من جنس المال أو من غيره ولهذا فرع إذا رهن مال الزكاة فتارة يرهنه بعد تمام الحول وتارة قبله فإن رهنه بعد الحول فالقول في صحة الرهن في قدر الزكاة كالقول في صحة بيعه فيعود فيه جميع ما قدمناه فإذا صححنا في قدر الزكاة فما زاد أولى وإن أبطلناه فيه فالباقي يرتب على البيع إن صححناه فالرهن أولى وإلا فقولا تفريق الصفقة في الرهن إذا جمع حلالا وحراما فإذا صححنا الرهن في الجميع فلم يؤد الزكاة من موضع آخر فللساعي أخذها منه‏.‏

فإذا أخذ انفسخ الرهن فيه وفي الباقي الخلاف كما تقدم في البيع وإذا أبطلناه في الجميع أو في قدر الزكاة وكان الرهن مشروطا في بيعه ففي فساد البيع قولان فإن لم يفسد فللمشتري الخيار ولا يسقط خياره بأداء الزكاة من موضع آخر أما إذا رهن قبل تمام الحول فتم ففي وجوب الزكاة خلاف قدمناه والرهن لا يكون إلا بدين وفي كون الدين مانعا من الزكاة الخلاف المعروف فإن قلنا الرهن لا يمنع الزكاة وقلنا الدين لا يمنع أيضا أو قلنا يمنع فكان له مال آخر يفي بالدين وجبت الزكاة وإلا فلا‏.‏

ثم إن لم يملك الراهن مالا آخر أخذت الزكاة من عين المرهون على الأصح ولا تؤخذ منه على الثاني فعلى الأصح لو كانت الزكاة من غير جنس المال كالشاة من الإبل بيع جزء من المال فيها وقيل الخلاف فيما إذا كان الواجب من غيرجنس المال فإن كان من جنسه أخذ من المرهون قطعا ثم إذا أخذت الزكاة من عين المرهون فأيسر الراهن بعد ذلك فهل يؤخذ منه قدرها ليكون رهنا عند المرتهن إن علقنا الزكاة بالذمة أخذ وإلا فلا على الأصح‏.‏

فإذا قلنا بالأخذ وكان النصاب مثليا أخذ المثل وإلا فالقيمة على قاعدة الغرامات أما إذا ملك مالا آخر فالمذهب والذي قطع به الجمهور أن الزكاة تؤخذ من سائر أمواله ولا تؤخذ من عين المرهون وقال جماعة تؤخذ من عينه إن علقناها بالعين وهذا هو القياس كما لا يجب على السيد فداء المرهن إذا جنى‏.‏

 باب زكاة المعشرات

تجب الزكاة في الأقوات وهي من الثمار النخل والعنب ومن الحبوب الحنطة والشعير والأرز والعدس والحمص والباقلاء والدخن والذرة واللوبياء والماش والهرطمان وهو الجلبان وأما ما سوى الأقوات فلا تجب الزكاة في معظمها بلا خلاف وفي بعضها خلاف فمما لا زكاة فيه بلا خلاف التين والسفرجل والخوخ والتفاح والجوز واللوز والرمان وغيرها من الثمار وكالقطن والكتان والسمسم والإسبيوش وهو بذر القطونا والثفاء وهو حب الرشاد والكمون والكزبرة والبطيخ والقثاء والسلق والجزر والقنبيط وحبوبها وبزورها ومن المختلف فيه الزيتون‏.‏

فالجديد المشهور لا زكاة فيه والقديم تجب ببدو صلاحه وهو نضجه واسوداده ويعتبر فيه النصاب عند الجمهور وخرج ابن القطان اعتبار النصاب فيه وفي سائر ما يختص القديم بإيجاب الزكاة فيه على قولين‏.‏

ثم إن كان الزيتون مما لا يجيء منه الزيت كالبغدادي أخرج عشره زيتونا وإن كان مما يجيء منه الزيت كالشامي فثلاثة أوجه الصحيح المنصوص في القديم أنه إن شاء الزيت وإن شاء الزيتون والزيت أولى والثاني يتعين الزيت والثالث يتعين الزيتون بدليل أنه يعتبر النصاب بالزيتون دون الزيت بالاتفاق‏.‏

ومنها الزعفران والورس وهو شجر يخرج شيئا كالزعفران فلا زكاة فيهما على الجديد المشهور وقال في القديم تجب إن صح الحديث في الورس‏.‏

فإن أوجبنا فيه ففي الزعفران قولان فإن أوجبنا فيهما فالمذهب أنه لا يعتبر النصاب بل تجب في القليل والكثير وقيل فيه قولان ومنها العسل لا زكاة فيه على الجديد وعلق القول فيه على القديم وقطع أبو حامد وغيره بنفي الزكاة فيه قديما وجديدا فإن أوجبنا فاعتبار النصاب كما ومنها القرطم وهو حب العصفر الجديد لا زكاة فيه والقديم تجب فعلى هذا المذهب اعتبار النصاب كسائر الحبوب وفي العصفر نفسه طريقان‏.‏

قيل كالقرطم وقيل لا تجب قطعا ومنها الترمس الجديد لا زكاة فيه والقديم تجب ومنها حب الفجل حكى ابن كج وجوب الزكاة فيه على القديم ولم أره لغيره‏.‏

فرع لا يكفي في وجوب الزكاة كون الشىء مقتاتا على الاطلاق بل أن يقتات في حال الاختيار فقد يقتات الشىء في حال الضرورة فلا زكاة فيه كالفث وحب الحنظل وسائر بزور البرية‏.‏

واختلف في تفسير الفث فقال المزني وطائفة هو حب الغاسول وهو الأشنان وقال آخرون هو حب أسود يابس يدفن فيلين قشره فيزال ويطحن ويخبز تقتاته أعراب طيىء واعلم أن الأئمة ضبطوا ما يجب فيه العشر بقيدين‏.‏

أحدهما أن يكون قوتا والثاني أن يكون من جنس ما ينبته الآدميون قالوا فإن فقد الأول كالإسبيوش أو الثاني كالفث أو كلاهما كالثفاء فلا زكاة وإنما يحتاج إلى ذكر القيدين من أطلق القيد الأول‏.‏

فأما من قيده فقال يكون قوتا في حال الاختيار فلا يحتاج إلى الثاني إذ ليس فيما يستنبت إلا ما يقتات اختيارا واعتبر العراقيون مع القيدين قيدين آخرين‏.‏

أحدهما أن يدخر والآخر أن ييبس ولا حاجة إليهما فإنهما لازمان لكل مقتات مستنبت‏.‏

 فصل النصاب معتبر في المعشرات

وهو خمسة أوسق والوسق ستون صاعا والصاع خمسة أرطال وثلث بالبغدادي فالخمسة هي ألف وستمائة رطل بالبغدادي والأصح عند الأكثرين أن هذا القدر تحديد وقيل تقريب‏.‏

فعلى التقريب يحتمل نقصان القليل كالرطلين وحاول إمام الحرمين ضبطه فقال الأوسق الأوقار والوقر المقتصد ثلاثمائة وعشرون رطلا فكل نقص لو وزع على الأوسق الخمسة لم تعد منحطة عن حد الاعتدال لا يضر وإن عدت منحطة ضر وإن أشكل فيحتمل أن يقال لا زكاة حتى تحقق الكثرة ويحتمل أن يقال تجب لبقاء الأوسق‏.‏

قال وهذا أظهر ثم قال إمام الحرمين الاعتبار فيما علقه الشرع بالصاع والمد بمقدار موزون يضاف إلى الصاع والمد لا لما يحوي المد ونحوه وذكر الروياني وغيره أن الاعتبار بالكيل لا بالوزن قال أبو العباس الجرجاني إلا العسل إذا أوجبنا فيه الزكاة فالاعتبار فيه بالوزن وتوسط صاحب العدة فقال هو على التحديد في الكيل وعلى التقريب في الوزن وإنما قدره العلماء بالوزن استظهارا‏.‏

قلت‏:‏ الصحيح اعتبار الكيل كما صححه وبهذا قطع الدارمي وصنف في هذه المسألة تصنيفا وسيأتي في إيضاحه زيادة في زكاة الفطر إن شاء الله تعالى وهناك نذكر الخلاف في قدر رطل بغداد والأصح أنه مائة وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم فعلى هذا الأوسق الخمسة بالرطل الدمشقي ثلاثمائة واثنان وأربعون رطلا ونصف رطل وثلث رطل وسبعا أوقية والله أعلم‏.‏

 فصل لا فرق بين ما تنبته الأرض المملوكة والمستأجرة

في وجوب العشر فيجب على مستأجرالأرض العشر مع الأجرة وكذا يجب عليه العشر والخراج في الأرض الخراجية قال أصحابنا وتكون الأرض خراجية في صورتين‏.‏

إحداهما أن يفتح الإمام بلدة قهرا ويقسمها بين الغانمين ثم يعوضهم عنها ثم يقفها على المسلمين الثانية أن يفتح بلدح صلحا على أن تكون الأرض للمسلمين ويسكنها الكفار بخراج معلوم فالأرض تكون فيئا للمسلمين والخراج عليها أجرة لا تسقط بإسلامهم وهكذا إذا انجلى الكفار عن بلدة وقلنا إن الأرض تصير وقفا على مصالح المسلمين يضرب عليها خراجا يؤديه من يسكنها مسلما كان أو ذميا‏.‏

فأما إذا فتحت صلحا ولم يشرط كون الأرض للمسلمين ولكن سكنوا فيها بخراج فهذا يسقط بالإسلام فإنه جزية وأما البلاد التي فتحت قهرا وقسمت بين الغانمين وبقيت في أيديهم وكذا التي أسلم أهلها عليها والأرض التي أحياها المسلمون فكلها عشرية وأخذ الخراج منها ظلم‏.‏

فرع النواحي التي يؤخذ منها الخراج ولا يعرف كيف كان حالها في حكى الشيخ أبو حامد عن نص الشافعي رحمة الله عليه أنه يستدام الأخذ منها فانه يجوز أن يكون الذي فتحها صنع بها كما صنع عمر رضي الله عنه بسواد العراق والظاهر أن ما جرى لطول الدهر جرى بحق‏.‏

فإن قيل هل يثبت فيها حكم أرض السواد من امتناع البيع والرهن قيل يجوز أن يقال الظاهر في الأخذ كونه حقا وفي الأيدي الملك فلا نترك واحدا من الظاهرين إلا بيقين‏.‏

الخراج المأخوذ ظلما لا يقوم مقام العشر فإن أخذه السلطان على أن يكون بدلا عن العشر فهو كأخذ القيمة بالاجتهاد وفي سقوط الفرض به وجهان أحدهما وبه قطع في التتمة السقوط فإن لم يبلغ قدر العشر أخرج الباقي وذكر في النهاية أن بعض المصنفين حكى قريبا من هذا عن أبي زيد واستبعده‏.‏

قلت‏:‏ الصحيح السقوط ونو نصه في الأم وبه قطع جماهير الأصحاب كالشيخ أبي حامد والمحاملي والماوردي والقاضي أبي الطيب ومن المتقدمين ابن أبي هريرة ومنعه أبو إسحق والله أعلم‏.‏

 فصل ثمار البستان وغلة القرية

الموقوفين على المساجد أو الرباطات أو معين هذا هو المذهب الصحيح المشهور الذي قطع به الجمهور ونقل ابن المنذر عن الشافعي رحمه الله تعالى وجوب الزكاة فيها‏.‏

فأما الموقوف على جماعة معينين فتقدم بيانه في باب الخلطة‏.‏

 فصل في المال الذي يعتبر فيه بلوغ المعشر

إن كان أو عنبا اعتبر تمرا وزبيبا فإن كان رطبا لا يتخذ منه تمر فوجهان أصحهما يوسق رطبا والثاني يعتبر بحالة الجفاف وعلى هذا وجهان‏.‏

أحدهما يعتبر بنفسه بلوغه نصابا وإن كان حشفا والثاني بأقرب الأرطاب إليه وهذا إذا كان يجيء منه تمر رديء فأما إذا كان يفسد بالكلية فيقتصر على الوجه الأصح وهو توسيقه رطبا والعنب الذي لا يتزبب كالرطب الذي لا يتتمر ولا خلاف في ضم ما لا يجفف منهما إلى ما يجفف في تكميل النصاب‏.‏

ثم في أخذ الواجب من الذي لا يجفف إشكال ستعرفه مع الخلاص منه في مسألة إصابة النخل العطش إن شاء الله تعالى‏.‏

وأما الحبوب فيعتبر بلوغها نصابا بعد التصفية من التبن ثم قشورها أضرب أحدها قشر لا يدخر الحب فيه ولا يؤكل معه فلا يدخل في النصاب والثاني قشر يدخر الحب فيه ويؤكل معه كالذرة فيدخل القشر في الحساب فإنه طعام وإن كان قد يزال كما تقشر الحنطة وفي دخول القشرة السفلى من الباقلاء في الحساب وجهان‏.‏

قال في العدة المذهب لا يدخل الثالث قشر يدخر الحب فيه ولا يؤكل معه فلا يدخل في حساب النصاب ولكن يؤخذ الواجب فيه كالعلس والأرز‏.‏

أما العلس فقال الشافعي رضي الله عنه في الأم يبقى بعد دياسه على كل حبتين منه كمام لا يزول إلا بالرحى الخفيفة أو بمهراس وإدخاره في ذلك الكمام أصلح له وإذا أزيل كان الصافي نصف المبلغ فلا يكلف صاحبه إزالة ذلك الكمام عنه ويعتبر بلوغه بعد الدياس عشرة أوسق ليكون الصافي منه خمسة‏.‏

وأما الأرز فيدخر أيضا مع قشره فإنه أبقى له ويعتبر بلوغه مع القشر عشرة أوسق كالعلس وعن الشيخ أبي حامد أنه قد يخرج منه الثلث فيعتبر بلوغه قدرا يكون الخارج منه نصابا‏.‏

 فصل لا يضم التمر إلى الزبيب

في إكمال النصاب ويضم أنواع التمر بعضها إلى بعض وأنواع الزبيب بعضها إلى بعض ولا تضم الحنطة إلى الشعير ولا سائر أجناس الحبوب بعضها إلى بعض ويضم العلس إلى الحنطة لأنه نوع منها وأكمته يحوي الواحد منها حبتين وإذا نحيت الأكمة خرجت الحنطة الصافية وقبل التنحية إذا كان له وسقان من العلس وأربعة حنطة تم نصابه‏.‏

فلو كانت الحنطة ثلاثة أوسق لم يتم النصاب إلا بأربعة أوسق علسا وعلى هذا القياس وأما السلت فقال العراقيون وصاحب التهذيب هو حب يشبه الحنطة في اللون والنعومة والشعير قلت‏:‏ الصحيح بل الصواب ما قاله العراقيون وبه قطع جماهير الأصحاب وهو الذي ذكره أهل اللغة والله أعلم‏.‏

ثم فيه ثلاثة أوجه أصحها وهو نصه في البويطي أنه أصل بنفسه لا يضم إلى غيره والثاني يضم إلى الحنطة والثالث إلى الشعير‏.‏

فرع تقدم في الخلطة خلاف في ثبوتها في الثمار والزروع وأنها إن ثبتت فهل تثبت خلطتا الشيوع والجوار أم الشيوع فقط والمذهب ثبوتهما معا فإن قلنا لا تثبتان لم يكمل ملك رجل بملك غيره في إتمام النصاب وإن أثبتناهما كمل بملك الشريك والجار ولو مات إنسان وخلف ورثة ونخيلا مثمرة أو غير مثمرة وبدا الصلاح في الحالين في ملك الورثة فإن قلنا لا تثبت الخلطة في الثمار فحكم كل واحد منقطع عن غيره فمن بلغ نصيبه نصابا زكى ومن لا فلا وسواء اقتسموا أم لا‏.‏

وإن قلنا نثبت قال الشافعي رحمه الله إن اقتسموا قبل بدو الصلاح زكوا زكاة الانفراد فمن لم يبلغ نصيبه نصابا فلا شيء عليه وهذا إذا لم تثبت خلطة الجوار أو أثبتناها وكانت متباعدة أما إذا كانت متجاورة وأثبتناها فيزكون زكاة الخلطة كما قبل القسمة وإن اقتسموا بعد بدو الصلاح زكوا زكاة الخلطة لاشتراكهم حالة الوجوب‏.‏

ثم هنا اعتراضان أحدهما للمزني قال القسمة بيع وبيع الربوي بعضه ببعض جزافا لا يجوز وبيع الرطب على رؤوس النخل بالرطب بيع جزاف وأيضا فبيع الرطب بالرطب عند الشافعي لا يجوز بحال‏.‏

أجاب الأصحاب بجوابين أحدهما قالوا الأمر على ما ذكر إن قلنا القسمة بيع ولكن فرع‏:‏ الشافعي رحمه الله على القول الآخر أنها إفراز الثاني وإن قلنا القسمة بيع فتتصور القسمة هنا من وجوه‏.‏

منها أن يكون بعض النخيل مثمرا وبعضها غير مثمر فيجعل هذا هما وذاك سهما ويقسمه قسمة تعديل فيكون بيع نخيل ورطب بنخل متمحض وذلك جائز‏.‏

ومنها أن تكون التركة نخلتين والورثة شخصين اشترى أحدهما نصيب صاحبه من إحدى النخلتين أصلها وثمرها بعشرة دراهم وباع نصيبه من الأخرى لصاحبه بعشرة وتقاصا قال الأصحاب ولا يحتاج إلى شرط القطع وإن كان قبل بدو الصلاح لأن المبيع جزء شائع من الثمرة والشجرة معا فصار كما لو باعها كلها بثمرتها صفقة وإنما يحتاج إلى شرط القطع إذا أفرد ومنها أن يبيع كل واحد نصيبه من ثمرة إحدى النخلتين بنصيب صاحبه من جذعها فيجوز بعد بدو الصلاح ولا يكون ربا ولا يجوز قبل بدوه إلا بشرط القطع لأنه بيع ثمرة تكون للمشتري على جذع البائع وقال بعض الأصحاب قسمة الثمار بالخرص تجوز على أحد القولين قال والذي ذكره الشافعي هنا تفريع على ذلك القول ولك أن تقول هذا يدفع إشكال البيع جزافا ولا يدفع إشكال منع بيع الرطب بالرطب‏.‏

الاعتراض الثاني قال العراقيون جواز القسمة قبل إخراج الزكاة هو بناء على أن الزكاة في الذمة فإن قلنا إنها تتعلق بالعين لم تصح القسمة‏.‏

واعلم أنه يمكن تصحيح القسمة مع التفريع على قول العين بأن تخرص الثمار عليهم ويضمنوا حق المساكين فلهم التصرف بعد ذلك وأيضا فإنا حكينا في قول البيع قولين تفريعا على التعلق بالعين فكذلك القسمة إن جعلناها بيعا وإن قلنا إفراز فلا منع وجميع ما ذكرناه إذا لم يكن على الميت دين فإن مات وعليه دين وله نخيل مثمرة فبدا الصلاح فيها بعد موته وقبل أن تباع فالمذهب والذي قطع به الجمهور وجوب الزكاة على الورثة لأنها ملكهم ما لم تبع في الدين وقيل قولان‏.‏

أظهرهما هذا والثاني لا تجب لعدم استقرار الملك في الحال ويمكن بناؤه على الخلاف في أن الدين هل يمنع الإرث أم لا فعلى المذهب حكمهم في كونهم يزكون زكاة خلطة أم انفراد على ما ثم إن كانوا موسرين أخذت الزكاة منهم وصرفت النخيل والثمار إلى دين الغرماء وإن كانوا معسرين فطريقان‏.‏

أحدهما أنه على الخلاف في أن الزكاة تتعلق بالذمة أم بالعين إن قلنا بالذمة والمال مرهون بها خرج على الأقوال الثلاثة في اجتماع حق الله تعالى وحق الآدمي فإن سوينا وزعنا المال على الزكاة والغرماء وإن قلنا بالعين أخذت سواء قلنا تعلق الأرش أو تعلق الشركة والطريق الثاني وهو الأصح تؤخذ الزكاة بكل حال لشدة تعلقها بالمال‏.‏

ثم إذا أخذت من العين ولم يف الباقي بالدين غرم الورثة قدر الزكاة لغرماء الميت إذا أيسروا لأن وجوب الزكاة عليهم وبسببه خرج ذلك القدر عن الغرماء‏.‏

قال صاحب التهذيب هذا إذا قلنا الزكاة تتعلق بالذمة فإن علقناها بالعين لم يغرموا كما ذكرنا في الرهن‏.‏

أما إذا كان إطلاع النخل بعد موته فالثمرة محض حق الورثة لا تصرف إلى دين الغرماء إلا إذا قلنا بالضعيف إن الدين يمنع الإرث فحكمها كما لو حدثت قبل موته‏.‏